الجمعة، 2 أكتوبر 2009

مقدمة



نحكي في هذا القسم من المدونة قصة الراديو الممتعة ـ بدءا من التنبؤات الأولى لجيمس كلارك ماكسويل وتجارب هنريك هرتز وماركوني حتى أقمار المواصلات الحديثة واستعمال الرادار ، و يأتي هذا الجهد منا لما رأينا من نقص فادح للمادة التكنولوجية والعلمية... عند البحث باللغة العربية، وخاصة بما يتناسب وأسلوب القصة التعليمية للصغار خاصة، نرجو أن تستمتعوا بهذه القصة ولا تنسوا التعاليق.


الخاتمة


إن استعمالات الراديو كثيرة، فالسفن تستعمل الرادار كعيون لها في الجو الصافي وفي الضباب ، وتستعمل معين الاتجاه D/F لتحديد مواقعها ، كذلك فإن التقارير عن حالة الطقس والإنذارات الملاحية، وإشارات الوقت، والمشورة الطبية و الأخبار ، ترسل جميعها بالراديو ، وفي الضباب ، تهبط الطائرات على مهابطها بواسطة الراديو، ويمكن الآن حتى هبوط الطائرات آليا بواسطة التوجيه الرادي.

وتستعمل البحرية والجيوش والقوات الجوية أجهزة صغيرة للإرسال والاستقبال ، وكذلك يفعل رجال البوليس الذين زودت سياراتهم بالراديو، ويستخدم اللاسلكي كذلك في سيارات الإسعاف وفي كثير من السيارات العامة التاكسي.

وتوجه القذائف والصواريخ والأقمار الصناعية بالراديو، وترسل الأقمار الصناعية عبر المسافات الطويلة إلى الأرض معلومات عن الفضاء الخارجي والقمر والكواكب البعيدة، وتنقل البرامج التلفزيونية والصوتية ومكالمات الهاتف والإنترانت...

إن قصة الراديو تنتقل من فصل إلى فصول أكثر إثارة، وإن المرء ليتساءل عن العجائب الجديدة التي ستحقق في المستقبل.

شفرة مورس The morse code

اخترع شفرة مورس أمريكي اسمه ساموال فاينلي بريس مورس (1791-1872) وتستعمل هذه الرموز لإرسال الرسائل بالراديو والخطوط الأرضية والكبلات الممتدة تحت البحار.



أصداء الراديو ، الرادار ـ وكيف يعمل


قبل عام 1939 بقليل لاحظ رجل في إنكلترا أصداء غريبة في جهازه المستقبل كلما مرت طائرة من فوقه، أثارت تلك الأصداء دهشته وتساؤله فاخترع أول جهاز رادار.

إن الرادار أمر ممكن لأن موجات الراديو، التي تنتقل بسرعة 300000 كيلومتر في الثانية ، يمكن أن تنعكس كموجات الصوت أو الضوء.

تثبت ((الماسحة الرادارية)) إلى سارية وتدور باستمرار مرسلة موجات رادية عالية التردد، ومركزة في حزمة ضيقة ، ((وكان جيمس كلارك ماكسويل قد تنبأ قبل مئة عام بأن الموجات الرادية يمكن أن تركز)) وكلما اصطدمت هذه الموجات بخط الساحل أو بسفن أخرى أو بطائرات أو حتى بغيوم المطر، فإنها تنعكس أو بالسفينة أو الطائرة أو المحطة الأرضية التي تبث الموجات الرادية من ماسحتها الرادية.

تستقبل الموجات المنعكسة ، وتسمى الأصداء ، بواسطة جهاز رادار وتبدو كنقاط براقة على شاشة الرادار التي تشبه شاشة التلفزيون، تاركة ((أثرا)) ظاهرا لخطوط السواحل والجزر والسفن الأخرى والعوامات وأي طائرة في نطاق مداها.

وهكذا تظهر ((صورة)) لكل شيء في مدى الماسحة الرادارية المرسلة، ويمكن بسهولة حساب بعده، وبواسطة الرادار يمكن لملاح السفينة أو الطائرة أو الغواصة أن يحدد موقعها بدقة، ويتجنب الأخطار.







تشير النقطة البيضاء في مركز الشاشة إلى موضع الشفينة التي تستعمل الرادار (نقطة الإرسال) ، ويتحرك الخط الأحمر ((الأثر)) حول شاشة الرادار باتجاه عقارب الساعة مخلفا وراءه خارطة متوهجة، أما الخط الدائري الأرجواني فيدل على المدى، ويمكن تحريكه إلى الخارج من مركز الشاشة عندما يقطع جزء من الأثر ، سفينة أو قطعة من اليابسة إلخ... ويمكن قراءة مداها على قرص مدرج، أما الخط الأزرق فيشير إلى الاتجاه الزاوي للسفينة.



الصدى





لاشك في أنك ما صحت ((مرحبا)) باتجاه صخرة عالية أو بناء شاهق ، وسمعت بعد ثانية أو ثانيتين صدى يقول ((مرحبا)) ، عندما أرسلت صيحة ((مرحبا)) أرسلت الأوتار الصوتية في حنجرتك موجات صوتية في الهواء، ثم انتقلت هذه الموجات بسرعة 330 مترا في الثانية إلى سطح الصخرة وارتدت منها عائدة إليك.

فإذا مرت ثانية واحدة منذ اللحظة التي صحت فيها ((مرحبا)) وحتى سمعت الصدى، فإنك تعلم أن المسافة بينك وبين سطح الصخرة هي 165 مترا، لأن موجات الصوت المنتقلة بسرعة 330 مترا في الثانية لزمها ثانية لتقطع 165 مترا ذهابا إلى سطح الصخرة وإيابا 165 متر إليك.

إن مقياس الصدى في السفينة يحدث نبضات عالية التردد ((تونك ـ تونك)) وهذه بدورها تحدث موجات صوتية تنتقل من قعر السفينة عبر الماء إلى قاع المحيط، ثم ترتد إلى قعر السفينة حيث تستقبل وتسجل بأجهزة رادية خاصة، وبما أن سرعة الصوت في الماء معلومة ، يمكن حساب عمق الماء بقياس الوقت الذي استغرقه انتقال موجات الصوت إلى قاع المحيط ذهابا وإيابا.

لقد طبق مبدأ استقبال الأصداء بعد ذلك على أمواج الراديو، وبذلك تحققت خطوة كبيرة إلى الأمام في قصة الراديو.







تعيين الاتجاه بالراديو



قبل عام 1914 بقليل اكتشف أنه إذا لف سلك عدة لفات على إطار مربع أو دائري، فإن هذا الهوائي الإطاري الشكل يختلف في عمله عن الهوائي الذي يتألف من سلك طويل ممتد بين عمودين مرتفعين، وهو نوع الهوائي الذي كان مألوفا في الأيام الأولى للإذاعة والذي يستقبل الإشارات بالتساوي من أي اتجاه، وقد وجد أنه إذا أدير الهوائي الإطاري بحيث تشكل لفات السلك فيه زاوية قائمة مع الاتجاه الذي تنبعث منه موجات الراديو فإن ذلك يقلل من الإشارات المحرضة في الهوائي الإطاري إلى الحد الأدنى ، وأما إذا توجه الهوائي الإطاري مباشرة نحو مصدر الإرسال ، فإن الإشارات المحرضة فيه تصبح أقوى بكثير ، جرب ذلك في جهازك الترانزيستور فعندما تدير الجهاز تتفاوت شدة الصوت أو الموسيقى.

إن خاصية الاتجاهية للهوائيات الإطارية الشكل تستعمل الآن في أجهزة تعيين الاتجاه على السفن والطائرات، ففي كل أنحاء العالم ، في الجزر وعلى طول السواحل وعلى المنارات العائمة، ترسل أجهزة إرسال حروفا من شفرة مورس لتعرف بهويتها وبموضعها، وبواسطة الهوائيات الاتجاهية وأجهزة الاستقبال ، المعروفة بمعينة الاتجاه ، يمكن للطائرة أو السفينة أن تحدد بدقة موضعها في الجو الصافي أو في الضباب باستخدام إشارات الراديو هذه، ويمكن كذلك تعيين موضع السفن والطائرات الأخرى، وبذلك يمكن تجنب حوادث الاصطدام والجنوح.






الموجات القصيرة وهاوي الراديو


كان يظن أوائل أيام الراديو أن البث بالموجات الطويلة فقط هو الذي يمكنه الوصول إلى مسافات بعيدة، لذلك سمح لهواة الراديو بأن يبثوا على الموجات القصيرة، وكانت دهشة للمحترفين حين تبين أن البث على الموجات القصيرة يمكن التقاطه من مسافات بعيدة.

وظهرت فائدة الموجات القصيرة في الوقت المناسب، فقد كانت بريطانيا على وشك إنشاء شبكة واسعة من محطات الراديو ذات الكلفة الكبيرة تبث على الموجات الطويلة، فألغيت هذه الخطة وأنشئت شبكة من محطات الموجة القصيرة في جميع أنحاء الإمبراطورية البريطانية، وثبت أن هذه المحطات ذات كفاءة مدهشة ، ووفر كثير من ملايين الجنيهات لأن كلفة إنشاء المحطات التي تبث بالموجات القصيرة هي أقل بكثير.

ويرجع الفضل إلى الهواة في التوصل إلى عدد لا بأس به من المكتشفات البارعة والمفيدة، وفي كثير من الأحيان عندما كانت تنقطع وسائل الاتصال في أوقات الطوارئ كالزلازل والفيضانات والحرائق والأعاصير، كان الهواة يتولون الأمور ويساعدون، بمحطاتهم الرادية الصغيرة ذات الموجة القصيرة التي بنوها بأنفسهم، في تنظيم عمليات الإنقاذ، ونقل المؤن الطبية والغذائية، وإيجاد المأوى للمشردين.





بطولة ضباط اللاسلكي


لقد أدى كثير من ضباط اللاسلكي أعمالا بطولية منذ أن جهزت السفن بالراديو، فعندما كانت السفينة ((فولترنو)) تحترق في عاصفة على الأطلسي ظل ضابط اللاسلكي فيها ملازم مكانه دون انقطاع مدت ست وعشرين ساعة يرسل الحروف ((CQD)) من شفرة ((مورس)) وكانت هي آنذاك إشارة الاستغاثة ، وبفضل بطولته تلك تم إنقاذ حياة خمسمائة راكب وبحار ، وعندما انشق جانب السفينة ((تايتانيك)) TAITANIK إثر اصطدامها بجبل جليدي ، ظل كبير ضباط الراديو فيها ((جون جورج (جاك) فيليبس)) يرسل باستمرار إشارة الاستغاثة ((CQD)) بالإضافة إلى إشارة الاستغاثة المتفق عليها حديثا ((sos)) حتى خفت السفينة ((أولمبيك)) وسفن أخرى لنجدتها ، وعندما أصبحت مقدمة ((التايتانك)) TAITANIK تحت الماء ، وأصبح طرفها الأمامي بمحاذاة الماء، تبين أنها قد بدأت تغرق، فأمر القبطان ((سميث)) ضباط الراديو بأن ينقذوا أنفسهم، ولكن ((جاك فليبس)) بقي قرب جهاز الرادي حتى غرق مع السفينة TAITANIK.

لقد وضع ((جاك فليبس)) بعمله ذاك تقليدا سمي ((تقليد التايتانيك)) ( Tradition of TAITANIK) وهو يقضي بأن يبقى ضابط اللاسلكي في مكانه ما دامت أجهزته تعمل، حتى ولو أدى ذلك إلى غرقه مع سفينته ، وحافظ على تقليد التايتانيك TAITANIK كثير من ضباط الراديو في أوقات السلم وفي الحربين العالميتين .

وإذا حدث وزرت مدينة ((غودالمينغ)) فاذهب وشاهد النصب التذكاري الجميل قرب كنيسة ((غودالمينغ)) الأبرشية الذي أقيم تخليدا لذكرى ((جاك فليبس)) ضابط الراديو في السفينة ((تايتانيك)) TAITANIK.













أول استعمال للراديو في القبض على المجرمين



كان ذلك في عام 1910 ، وكان رجل يعرف باسم ((الدكتور كريبن)) ملاحقا من قبل دائرة المباحث الجنائية بتهمة قتل زوجته، حاول ((كريبن)) أن يهرب من القضاء فأبحر إلى هاليفاكس ((نوفا سكوشيا)) على الباخرة ((مونتروز)) ، وسافرت معه سكرتيرته ((مس لونيف)) متخفية بلباس رجل ، وظن كريبن أنه قد نجا ، ولكن ((كندال)) قبطان سفينة ((مونتروز)) شك في أمر هذين المسافرين ، فأرسل رسالة بالراديو إلى إنكلترا يقول فيها إن ((الدكتور كريبن)) كان على ظهر سفينته.

وفي التو قام مفتش ((ديو)) من دوائر المباحث الجنائية بالإبحار على الباخرة ((لورنتيك))، وكانت أسرع من الباخرة ((مونتروز)) بكثير، فوصلت إلى ((هاليفاكس)) قبلها، وعندما وصلت ((منتروز)) إلى ((هاليفاكس)) صعد المفتش ((ديو)) إليها وألقى القبض على ((كريبن)) وأعاده معه إلى انكلترا للمحاكمة.

وفي عام 1911 في إيطاليا، فام رجل بسرقة 300000 لير ايطالي وتوجه هاربا إلى أمريكا الجنوبية على الباخرة ((برينسيب اومبرتو)) ، ولعب التلغراف الرادي دورا رئيسيا في إحكام الطوق حول ذلك المجرم وقبض عليه عندما وصلت الباخرة إلى ((بونس ايرس)) .

ومنذ تلك الأيام استعمل الراديو في حالات كثيرة للقبض على المجرمين وتقديمهم إلى العدالة.








شرطي من سكترلنديارد يتعقب أحد المجرمين






دائرة البريد تتولى إدارة محطة الراديو الرئيسية في بريطانيا



في عام 1909 تولت دائرة البريد إدارة محطات الراديو الرئيسية في بريطانيا، ويرجع فضل كبير إلى مهندسي قسم الأبحاث في تلك الدائرة لعملهم القيم في تطوير الراديو، إنه لا يسمح لدائرة البريد أن تعلن عن إنجازاتها أو أن تقوم بالدعاية لها، ولكنها ولا شك كانت المسؤولة عن تحقيق الكثير من التقدم الذي تم في حقل الراديو من حيث النظرية والتصميم والتطبيق.

في عام 1909 كانت محطات الراديو ، التابعة لدائرة البريد البريطانية ، على اتصال بعدة مئات من السفن فقط، أما الآن فهي على اتصال لاسلكي بحوالي 10000 سفينة كثير منها يبحر في أجزاء نائية متباعدة من العالم ، وتقوم محطات الإذاعة التابعة للبريد بتأمين حوالي 850000 رسالة و 150000 مكالمة هاتفية بالراديو سنويا، وهذا الحجم من الاتصالات هو في اطراد متزايد.

وفي العام 1926 بدأ أول خط هاتفي لاسلكي للمسافات الطويلة بالعمل من محطة الراديو القوية التابعة للبريد في ((راغبي)) إلى أماكن في أمريكا تيعد مسافة 4500 كيلومتر تقريبا.

مات السير ((وليام بريس)) ، العضو في الجمعية الملكية، عام 1912، لقد كان كبير المهندسين في دائرة البريد، وقد عمل على تقدم علم الراديو إلى درجة كبيرة نتيجة لعمله العظيم في دائرة البريد بتشجيعه للشاب ماركوني، وقبل أن يموت رأى الاتصالات اللاسلكية تغطي العالم بأجمعه.







برج للراديو تابع لدائرة البريد البريطانية

الاكتشاف العظيم الذي حققه (( لي دو فورست ))




في عام 1906، وقبل عيد الميلاد بقليل، دهش ضباط سفينة حين سمعوا في سماعتهم صوتا شبيها بصوت الكمان ورجلا يقول : ((إن سمعني أحد فليتفضل وليكتب إلى مستر فسندن في برانت روك)) لقد نجح ((فسندن)) في إذاعة صوته مع الموسيقى قبل أن تبدأ ((الإذاعة من أجل التسلية)) بعشرين عاما.

وفي عام 1907 أضاف الأمريكي (( لي دو فورست )) Lee De Forest إلى صمام فلمنغ ذي القطبين (أو الصمام الثنائي) قطبا ثالثا سمي ((الشبكة))، وبذلك صنع أول صمام ذي ثلاث أقطاب (أو الصمام الثلاثي) ، وكانت الشبكة أحيانا اسطوانة مثقبة من المعدن الرقيق، أو لولبا حلزونيا من سلك الدقيق تثبت بإحكام بين الفتيلة والصفيحة.

وبعد أن أضيفة الشبكة إلى الصمام ذي القطبين، أمكن عمل أشياء كثيرة لم تكن ممكنة من قبل، لقد ساعد الصمام الثلاثي الأقطاب في كشف أمواج الراديو وفي تضخيمها، أي جعلها أقوى، ثم أمكن جعل الثلاثي يتذبذب ، وبذلك يساعد في توليد موجات التردد اللاسلكي (الرادي) ، لقد أصبح الاتصال اللاسلكي أكثر سهولة وأوثق اعتمادية من ذي قبل.

وبعد سنوات استحدثت صمامات تحتوي على عدة أقطاب ، كالصمام الخماسي والسباعي إلخ...، وتم ذلك في الواقع بوضع صمامين أو ثلاث لتعمل في بصلة زجاجية واحدة.










مكشافات أخرى لموجات الراديو واختراع فلمنغ المدهش


لقد أضحى الاهتمام بالراديو واسع الانتشار، وظهرت مكشافات أخرى جديدة للموجات الرادية فوجد أن بعض البلورات مثل بيريت الحديد والموليبدينيت والكاربورندوم إذا مست برأس مدبب من وبمركب كالزنكايت والبورنيت من جهة أخرى أمكن أن تعمل كمكشاف لأمواج الراديو، وظهر أيضا الكاشف الإلكتروني الذي يضم قطبين أحدهما قطعة من السلك الدقيق المدبب مغموسين في ماء محمض بقطرة من حامض الكبريت، كل هذه الكواشف تعمل بتحويل تيارات الراديو ذات التوتر العالي إلى تردد سمعي تحدث إشارات يمكن قراءتها.

وفي عام 1903 اخترع السير ((أمبروز فلمنغ)) Sir John Ambrose Fleming (1945-1849)الصمام ذا القطبين، كان هذا الصمام أشبه بمصباح كهربائي ذي فتيلة سلكية كأحد قطبيه، وقطبه الآخر يدعى ((الصفيحة)) أو ((الأنود)).

أما ((الصفيحة)) فهي قطعة رقيقة مسطحة من المعدن مثبتة بإحكام داخل البصلة الزجاجية للمصباح، فحين تسخن الفتيلة بمرور التيار الكهربائي تطلق سحبا من الإلكترونات (الكهيربات) بسرعة هائلة، هذه الإلكترونات هي جسيمات كهربائية غير منظورة سالبة الشحنة، وتتجه بطبيعتها إلى الصفيحة حينما تكون الصفيحة موجبة الشحنة الكهربائية، ولقد حول صمام فلمنغ تيارات الراديو ذات التردد العالي (التي لا تستجيب لها السماعات) إلى تيارات ذات تردد منخفض تحدث إشارات تلتقطها السماعات، وقد استعمل فلمنغ صمامه هذا كمكشاف لموجات الراديو.




رسم توضيحي للصمام ذي لبقطبين، يظهر الالكترونات المتجهة من الفتيلة
(الكاثود) إلى الصفيحة (الانود)



مستقبلات ماركوني اللاسلكية الأولى


كانت التيارات المارة في جهاز الاستقبال تهزهز بكرة محبرة إلى أعلى وإلى أسفل راسمة على شريط الورق المنحل شفرة مورس ، وقد أدخل ماركوني الدارة الموالفة ليجعل مستقبلاته أكثر حساسية وأفضل إنتقاء، ثم أتبع ذلك بالاختراع المسجل بالبراءة رقم 7777.

اخترع ماركوني كاشفا للموجات الرادية سمي بالكشاف المغنطيسي ، وفي هذه الآلة تتحرك بكرتان من الإبونيت، بآلية تدوير منتظمة الحركة، وهاتان البكرتان تحركان باستمرار طوقا (سيرا متصلا) يتألف من عدة أسلاك من الحديد المطاوع ليمر في أنبوب زجاجي صغير، وقد لفت بعض اللفات السلكية حول هذا الأنبوب تتصل نهايتها بدارة الهوائي والأرض، وفوق الأنبوب الزجاجي تثبت وشيعة ذات لفات من السلك أكثر بكثير من اللفات حول الأنبوب، وقد وصلت نهايتها اللفات حول الوشيعة بزوج من السماعات، كما توجد قطعتان من المغناطيس بشكل حدوة الفرس، بحيث تتجه أقطابهما نحو الوشيعة ، وبذلك تكتمل هذه الآلة التي تحول موجات الراديو المبثوثة إلى نقاط وفواصل من شفرة مورس، عندما يدار سلك الحديد المطاوع ببطء ، ينتشر حقل مغناطيسي من قطعتي المغناطيس إلى السلك، ولكن لا يسمع شيء في السماعات إلا متى تحرض موجات الراديو المبثوثة تيارات ذات توتر عال في الهوائي المستقبل، وتسري هذه التيارات في لفات السلك حول الأنبوب الزجاجي فتجعل الحقل المغناطيسي ينحصر فجأة حول لفات الوشيعة وهذا يحرض في تلك اللفات تيارات تحدث إشارات خفيضة التردد تلتقطها السماعات.





















إشارات الراديو تعبر المحيط الأطلسي



أقيمت محطة للراديو في موقع قرب خليج ((بولدو)) في ((كورنوول)) وفي 12 كانون الأول (ديسمبر) من عام 1901، تلقى ماركوني بنفسه ، وكان في ((سان جون)) في جزيرة ((نيو فاوندلاند)) رسائل بالراديو مرسلة من ((بولدو)) على بعد حوالي ((3490 كيلومتر)) وهكذا حققت أمواج الراديو عبور المحيط الأطلسي.

كم كان هذا التقدم عظيما بالنسبة لحسابات ((جيمس كلارك ماكسويل)) ونظرياته وبالنسبة لإرسال هرتز موجات رادية عبر غرفة صغيرة ! وعلى أثر ذلك قامت شركة ماركوني بإنشاء محطات للراديو في ((كروكهاقن)) و ((مسالين هيد)) وفي مراكز أخرى متعددة في أنحاء السواحل البريطانية ، وأقيمت كذلك محطات في جزيرة ((بل)) وفي خليج ((شاتو)) بكندا ، وفي ((ساغا بوناك)) في الولايات المتحدة الأمريكية ، وفي ((بوركم)) في ألمانيا ، وبعد وقت قصير كانت شركة ماركوني تقوم بخدمات عالمية في مجال الراديو وتؤمن حوالي (6800) رسالة سنويا، وبدأت محطة الراديو في ((بولدو)) بإرسال نشرات إخبارية يومية بالراديو بشفرة مورس ، وسرعان ما أصبحت هذه النشرات ظاهرة مألوفة في دنيا الملاحة.

كان ماركوني ومساعدوه يسعون دائما لإدخال تحسينات ، وفي العام 1902 بثت محطة ((بولدو)) بنجاح رسائل تجريبية إلى السفينة ((فيلادلفيا)) على بعد حوالي 1855 كيلو متر ، كما بثت إشارات أمكن تمييزها عن بعد حوالي 3375 كيلومتر، و اكتشف شيء آخر في أثناء هذه التجارب هو أنه يمكن بث إشارات الراديوا ليلا إلى مسافات أبعد بكثير منها خلال النهار.






أمواج الراديو تعبر القناة الانكليزية


لقد شهد العام 1899 انتشار الراديو بشكل استقطب اهتمام العالم، ففي صيف ذلك العام عقدت الجمعية البريطانية اجتماعا في ((دوقر)) حاضر فيه العالم الشهير الدكتور ج،أ،فلمنغ.

وفي أثناء المحاضرة أرسل ((جورج كمب)) ، من فنيي دائرة البريد البريطانية ، رسالة تهنئة ((طويلة)) بالراديو إلى الجمعية الفرنسية التي كانت مجتمعة في ((بولون)).

بثت الرسالة من ((دوقر)) إلى محطة الراديو الفرنسية في ((ويمرو))، ثم نقلت بخط أرضي إلى بولون، وأجابت الجمعية الفرنسية على الرسالة البريطانية عن طريق محطة الراديو في ((ويمرو)) إلى ((دوقر)) لقد قطع الراديو بذلك القناة الإنكليزية وكان اهتمام أهل العلم في ذلك الوقت بالغا بهذا الإنجاز ، وهللت له الصحف كثيرا.

وفي السنة ذاتها 1899 ازداد اهتمام البحرية الملكية البريطانية بالراديو، وأجرت ثلاث سفن حربية فيها كانت تستعمل أجهزة ماركوني مناورات في مدى 119 كيلومتر ظلت فيها على اتصال مستمر بعضها ببعض خلال تلك المناورات.

وفي تلك السنة أيضا بدأت بحرية الولايات المتحدة بتجهيز سفنها بالراديو ، ونقلت الأخبار عن تقدم اليختين ((شامروك)) و ((كولومبيا )) في البحار الأمريكية بواسطة الراديو.

وفي العام 1901 قامت شركة ((نوردتشر لويد)) الألمانية بتركيب الراديو في سفنها وأصبحت سفينة ((ليك تشامبلين)) أول سفينة تجارية بريطانية تجهز بالراديو.









شركة (( لويدز أوف لندن )) تهتم بالأمر


كان ذلك في عام 1898 عندما اهتمت شركة التأمين ((لويدز أف لندن)) المشهورة في أنحاء العالم بما قام به ماركوني ، وطلبت إليه أن يعرض اختبارات عملية لجهازه اللاسلكي.

اختار ماركوني موقع ((بالبكاسل)) في الشمال الشرقي من ايرلندا، وجزيرة ((راثلين)) قرب ذلك الشاطئ ليقوم باختباراته، ونجحت هذه الاختبارات، صحيح أن المسافة لم تكن أكثر من 12.5 كيلومتر إلا أن طبيعة المنطقة لم تكن مناسبة لإرسال موجات راديو واستقبالها ، لأن معظم المسافة كانت فوق اليابسة ولوجود صخرة عالية وجزء صغير من البحر بين محطة الإرسال ومحطة الاستقبال.

وفي العام نفسه الذي أجريت فيه اختبارات ((باليكاسل)) ركب ماركوني جهازه على الباخرة المسماة ((فلايينغ هنترس)) ، وأقام محطة استقبال في بيت رئيس مرفأ ((كينغستون)) في ايرلندا ، كان سباق القوارب في ((كينغستون)) قائما في ذلك الوقت، وقد أرسلت نتائج المباريات المختلفة بالراديو من الباخرة ((فلايينغ هنترس)) إلى بيت رئيس المرفأ.

وفي كانون الأول ((ديسمبر)) من عام 1898 أرسل ماركوني إشارات من منارة ((ساوث فورلند)) إلى المنارة العائمة المسماة ((ايست غودوين)) على مسافة 19 كيلومتر تقريبا، وبقي هذا الإتصال بالراديو مستمرا بين هذه المنارة والمنارة العائمة لمدة سنتين، فأمكن بواسطته تفادي غرق العديد من السفن وإنقاذ العديد من الأرواح ، لقد بدأ الراديو بإنقاذ الأرواح والممتلكات منذ ذلك التاريخ.









التجارب تستمر وماركوني يرجع إلى إنكلترا



على الرغم من عودة ماركوني إلى إيطاليا، استمرت التجارب في إنكلترا، فقد قام موظف في دائرة البريد بإقامة جهاز راديو في ((باث)) واستقبل بنجاح إشارات من جهاز إرسال فوق هضبة ((سالز بوري بلين)) على بعد 54 كيلومتر تقريبا.

ثم رجع ماركوني إلى بريطانيا وكانت بريطانيا في ذلك الوقت أكبر قوة بحرية في العالم، وكانت إمكانية الاتصال بالراديو بين البواخر بالنسبة لها أمرا بالغ الأهمية.

أقيمت محطة ماركونية في مكان يسمى ((المباي)) في جزيرة ((وايت)) وظلت هذه المحطة على اتصال دائم بمركب مجهز بجهاز راديو يتجول قوب ((سوانج)) و ((بول باي)) و ((بور نموث)) وبقي الإتصال المستمر يغطي دائرة نصف قطرها حوالي 29 كيلومتر.

كذالك أجرى ماركوني تجاربه على ظهر سفن حربية إيطالية، فجعلها تتبادل الرسائل اللاسلكية فيما بينها عبر مسافة تقارب العشرين كيلومتر.

وعلى الرغم من أن الحكومة البريطانية لم تدعم ماركوني، فإنه كان هناك أناس آخرون يرغبون في ذلك ، فقد قدم لماركوني 15000 جنيه استرليني ونصف الأسهم في شركة لترويج أعماله و مخترعاته.







تجارب ماركوني الناجحة في عرض اكتشافه


طلب وليام بريس من ماركوني أن يقدم عرضا عمليا لاختبار جهازه، وقام ماركوني بذلك من على سطح دائرة البريد العامة في لندن، ثم من فوق هضبة سالز بوري بلين على مسافة 2.5 كيلومتر، حضر العرض ضباط عسكريون من ذوي الرتب العالية وأعجبوا أيما إعجاب بما شاهدوا.

لقد قال بريس للشاب ماركوني إن دائرة البريد البريطانية لن تألو جهدا في دعم تجاربه ماليا، وفي 18 أيار (مايو) من عام 1898 أجرى ماركوني تجارب إرسال من نقطة ((لافرنوك)) على ساحل ((غلامورغانشر)) إلى جزيرة ((فلات هولم)) على بعد حوالي 12.5 كيلومتر، وفي 18 أيار (مايو) من العام ذاته أرسل بنجاح ثلاث إشارات رادية من نقطة ((لافرنوك)) إلى ((برين داون)) في ((سومرست)) وخلال هذه التجارب اكتشفت حقيقة هامة وهي أن الاتصال بالراديو يكون أسهل فوق الماء منه على اليابسة.

وبذل بريس كل ما في وسعه لإقناع الحكومة بدعم ماركوني ماليا، ولكن الاضطرابات في جنوب إفريقيا وفي إنكلترا بالذات جعلت الحكومة ترفض رصد المال اللازم.

عاد ماركوني إلى إيطاليا وكان ذلك صدمة شديدة لوليام بريس الذي كان يأمل أن يبقي ماركوني في إنكلترا ليعمل مع فريق الباحثين في دائرة البريد البريطانية.
















ماركوني المدهش


لقد ألغيت كل الخطط لتطوير شبكة بريس التحريضية من برنامج دائرة البريد البريطانية عندما تلقى بريس رسالة عام 1896 تعرفه بشاب إيطالي اسمه غولييلمو ماركوني (Guglielmo Marconi) (1874-1937)، لقد أدعى ماركوني أن طريقته المبتكرة في وسائل التلغراف اللاسلكي أحرزت نجاحات مدهشة.

لقد اعترف ماركوني بأنه استعمل أجهزة كان قد استعملها علماء آخرون من قبله كملف التحريض ذي التوتر العالي، والناقل الرادي الترابطي وغيره، ولكنه جلب معه إلى إنكلترا ، من بين الأدوات الأخرى، علبة سوداء غريبة ونوعا من المرحلة الكهربائية.

أما ما أعلن ماركوني أنه اكتشفه فعلا فهو أنه كلما كانت ((أذرع)) الهوائي للجهاز الهرتزي طويلة، كلما انتشرت موجات الراديو على مسافة أوسع، ثم تابع القول بأنه اكتشف ، بعد تجارب كثيرة ، أنه إذا ما رفع أحد ذراعي الهوائي وأرّض (أي دفن في الأرض) الذراع الآخر ، أمكنه إرسال موجات الراديو إلى مسافة كيلومترات عديدة بدلا من مسافة أمتار قليلة.

لقد اكتشف الشاب ماركوني الأهمية الكبرى لنظام الهوائي الأرضي، فجعل إمكانية إرسال موجات الراديو إلى مسافات شاسعة حقيقة واقعة.






تجربة مبتكرة تمنى بالفشل


في ليل يوم من أيام الأحد من عام 1896 رتب وليام بيرس أن توصل أسلاك التلغراف على طول انكلترا ، وكذلك أن توصل خطوط التلغراف على طول ايرلندا، كانت تخامره الفكرة أن التيارات الكهربائية في الأسلاك في انكلترا قد تحرض تيارات مشابهة في الأسلاك في ايرلندا ، لكن في تلك التجربة ، لم يمكن إرسال رسائل محددة بين البلدين .

كان بريس (وقد منح بعد ذلك لقب (( سير )) ) مهتما اهتماما شديدا بالراديو، وعرف الكثير عن موجات الراديو، وعمل الكثير لتزويد دائرة البريد بالراديو ، كان عضوا في الجمعية الملكية ، وسرعان ما أدرك أن آراءه حول ((الشبكة التحريضية)) لا تستند إلى الحقائق ، وأن مثل هذه الشبكة لا يمكن أن تحقق ما اعتقد سابقا بأنه ممكن عندما كتب بحثا في (( إمكانية إرسال إشارات رادية عبر الفضاء )).

لقد نجح مجربون آخرون استعملوا مثل هذه ((الشبكة التحريضية)) في نقل إشارات إلى مسافة 420 مترا، ولكن لا بد من أن يكون طول السلك المستعمل في كلا المرسل والمستقبل مساويا لطول المسافة التي ترسل عبراها الرسائل، وهكذا فلإرسال رسالة عبر مسافة خمسين كيلومترا مثلا، كان يتحتم أن نركب مجموعتين متوازيتين من الأسلاك طول كل منهما خمسون كيلومترا، وتفصل بينهما مسافة خمسين كيلو مترا ، لقد كانت الفكرة غير عملية .








نظرة إلى الوراء في قصة الراديو



قبل أن يبث لودج موجات رادية إلى مسافة 135 مترا بعشر سنوات تقريبا، أي في عام 1884، لا حظ وليام بريس (William Press ) (رئيس المهندسين في البريد البريطاني) إشارات غريبة في أسلاك التلغراف العليا في لندن، وتتبع هذه الإشارات الغامضة فوجد أن سببها تيارات تسري في بعض الأسلاك الممددة تحت الأرض، كانت أسلاك التلغراف العليا تعلو حوالي 24 مترا عن سطح الأرض التي مددت فيها الأسلاك السفلى، ويعرف مثل هذا التأثير بـ ((التحريض)).


دعنا ندرس هذا التحريض بشكل أدق ، إذا سرى تيار كهربائي في سلك، فستنتشر حول ذلك السلك خطوط القوة المغناطيسية فيما يسمى بـ (( المجال المغناطيسي )) ، إنك لا ترى هذا المجال ، ولكن يمكن أن تستدل على وجوده بأن تقرب من السلك بوصلة مغناطيسية صغيرة، فعندما يفتح التيار أو يغلق تهتز إبرة البوصلة.

وإذا ما وجد سلك آخر ضمن مجال السلك الأول ، عندئذ (( سيحرض )) أو (( يدفع )) في السلك الثاني نفس التيار الساري في السلك الأول.

وقدر وليام بريس أنه إذا استطاعت الأسلاك الممتدة تحت الأرض أن تحرض بالصدفة إشارات في أسلاك التلغراف العليا، فإنه يمكن لإشارات من مجموعة أسلاك مهيأة مسبقا أن تحرض في مجموعة أخرى من الأسلاك تبعد عن الأولى عددا من الكيلومترات، وأمل بهذه الطريقة أن يبث إشارات على مسافة طويلة دون أسلاك واصلة.






إذا ما قطع حقل مغناطيسي لسلك سلكا ثانيا، ففي السلك الثاني سيحرض أي يستحث تيار مشابه لتيار السلك الأول، ولكن ذلك يحدث فقط عندما يكون التيار في السلك الأول ( ومن ثم المجال المغناطيسي حوله) متغيرا، ويمكن إحداث هذا التغيير بوصل التيار ثم قطعه في السلك الأول بواسطة مفتاح كهربائي ، أو بإرسال تيار متناوب فيه، تيار يعلو ويهبط بانتظام مثل الموجات على سطح البركة.




فكرة عامة عن نظام التحريض في بث الرسائل ، يسري في الهوائي (( أ)) تيار يرسل فيه، وكان يؤمل أن يحرض المجال المغناطيسي حول الهوائي (( أ )) إشارات في الهوائي (( ب )) ، ولكن ظهر أن ذلك غير عملي على المسافات البعيدة.




كيف تحولت موجات الراديو إلى إشارات يمكن قراءتها


بعد أن أرسل هرتز موجات راديو عبر غرفة، لم يهتم أحد بالموضوع حتى عام 1893 حين جاء أوليفر لودج (Oliver Lodge ) ( 1851 - 1940) (الذي لقب فيما بعد بالسير أوليفر لودج) وبث موجات راديو إلى مسافة (135) متر.

لقد وجد هرتز أن موجات الراديو التي أحدثتها الشرارة في وعاء ليدن الأول حرضت شرارة عبر فرجة الشرارة في وعاء ليدن الثاني، ولكن موجات الراديو الصادرة عن شرارة كهربائية يمكنها فقط أن تحدث طقة تسمع في سماعة رأس أو في مكبر للصوت، إنك تسمع هذا يحدث عندما يطفئ أحد مفتاح المصباح الكهربائي قرب مذياعك ، وأدرك السير أوليفر لودج أنه إذا ما أريد لموجات الراديو أن تحدث رسالة مقروءة فلا بد من اتخاذ خطوة أخرى.

وكانت الخطوة التالية اختراع ( الناقل الرادي الترابطي) كان هذا الناقل أنبوبا زجاجيا صغيرا، وضعت فيه كمية صغيرة من برادة الحديد لم تنقل بسهولة التيار القادم من بطارية متصلة بالأنبوب ، ومع ذلك ، إذا ما وصل بالناقل هوائي تسري فيه تيارات ذات تردد رادي فإن برادة الحديد تتجمع أو يلتصق بعضها بالبعض الأخر، وتسمح للتيار القادم من البطارية أن ينتقل فيها بسهولة، ومن ثم يقرع جرسا، ولذلك فكلما أرسل هوائي مرسل موجات في الأثير، وحرض تيارات رادية في هوائي مستقبل، مر تيار مباشر من البطارية عن طريق الناقل وقرع الجرس.

وباستعمال مفتاح مورس عند الطرف المرسل ، أمكن بث الرسائل وجعلها تقرأ عند الطرف المستقبل بواسطة الناقل.





ما هي الحركة الموجية ؟


إن دراسة الموجات على الماء تساعدنا على فهم موجات الراديو، ولكن يجب أن نذكر دوما أن موجات الراديو تنتقل بسرعة (300000) كيلومتر بالثانية في الأثير ( الذي يفترض أنه يوجد في كل شيء – الخشب والزجاج والجبال والبحر والهواء إلخ ...)


قف في يوم هادئ على حافة بركة وارم حجرا متوسط الحجم بحيث ينزل في البركة قرب منتصفها ، من النقطة حيث ضرب الحجر الماء ستنتشر حلقات من التموجات تتسع نحو ضفاف البركة ، فإذا وضعت فلينة أو قاربا صغيرا كاللعبة على سطح الماء فإنه سيهتز صعودا وهبوطا عندما تصل التموجات، أو الموجات الصغيرة إليه.


عندما تصغي إلى بث إذاعي ، كأن تستمع إلى رسالة برموز مورس أو برنامج من الإذاعة ، فإن الهوائي المرسل في المحطة يعطي الأثير (ضربات) تشبه ما أحدثه الحجر في ماء البركة، وهكذا تنشر حلقات من موجات الراديو صادرة عن الهوائي المرسل، وعندما تمر بالهوائي المتصل بجهاز مستقبل تحرض، أو تدفع، تيارات كهربائية تنساب متتابعة فيه، فتسمع أنت إشارات رموز مورس أو صوت المذيع أو الموسيقي ، ويمكن تشبيه جهازك المستقبل بالفلينة أو القارب الذي اهتز ارتفاعا وانخفاضا في ماء البركة.




يمكن أن يقاس طول الموجة من أي نقطة على الموجة إلى نقطة مناظرة تليها مثلا :
من (( أ )) إلى (( أ )) أو من (( ب )) إلى (( ب )) أو من (( جـ )) إلى (( جـ )).





هنريك هرتز يثبت صحة أقوال ماكسويل



ومرت ثمان سنوات أخرى قبل أن يقوم عالم ألماني، وهو هنريك هرتز (Heinrich hertz ) (1857-1894)، بتجربة أثبتت صحة ما ذهب ماكسويل إليه.


استخدم هرتز جهازا بسيطا – وعائي (ليدن) ووعاء ليدن هذا هو نوع من (المكثف ) الذي يستطيع تخزين شحنة كهربائية، يصنع هذا المكثف بتغليف وعاء زجاجي من داخله ومن خارجه برقيقة معدنية ، وضع هرتز وعاء ليدن في ناحية الغرفة ووعاء آخر في الناحية المقابلة لها في الغرفة نفسها، في كل وعاء كانت فرجة الشرر تتصل بغلافه المعدني .

وعندما شحن هرتز الوعاء الأول بالكهرباء حدثت شرارة عبر فرجة الشرر، وفي الوقت نفسه تقريبا فرقعت شرارة عبر فرجة الشرر في الوعاء الثاني، وهنا حلت لحظة من أعظم اللحظات في تاريخ الراديو ، لقد انطلقت موجات راديو من وعاء ليدن الأول، وقطعت الغرفة بسرعة (300000) كيلومتر في الثانية، وحرضت ، أي دفعت ، في الوعاء الثاني شحنة كهربائية جعلته يصدر شرارة .

وبرهن هذا على وجود موجات الراديو وعلى أنه يمكن نقل هذه الموجات عبر الفضاء دونما أسلاك، وأصبحت هذه الموجات عبر الفضاء تعرف باسم (الموجات الهرتزية) نسبة للألماني هرتز .

ولقد قام الدليل على أن تقديرات الأستاذ ماكسويل كانت صحيحة تماما.










كيف بدأ الراديو


بدأت قصة الراديو منذ عام 1864 عندما أكمل جيمس كلارك ماكسويل (1831 - 1879) ( James Clerk Maxwell)، وهو أستاذ في جامعة كامبريدج، تأليف كتاب مدهش في الرياضيات البحتة، عالج فيه موضوعا لم يكن قد عالجه من قبل أحد، وهو التوترات والضغوط في الفضاء التي نعرفها اليوم باسم « موجات الراديو ».


وتنبأ ماكسويل بكثير من القوانين التي تتحكم بهذه الموجات، فقد قال بأنها تنتقل بسرعة (300000 ) كيلومتر في الثانية ، وبأنها – كموجات الضوء – يمكن أن تنحرف وتمتص وتنعكس وتتركز في بؤرة، وأضاف بأنه على الرغم من أن موجات الضوء تنير جسما ما ، فإن موجات الراديو لا تفعل ذلك ، بل تغير من طبيعة الشيء الذي تتركز عليه.

استقبل العلماء في كل مكان تنبؤات ماكسويل ببرود، وحتى اللورد كلغن العظيم لم يصدق أن ماكسويل كان على حق، ولسوء الحظ مات ماكسويل قبل أن يبرهن على صحة نظرياته.

وفي عام 1879 جاء رجل يدعى ( ادوارد هيوز ) واستعمل جهاز استقبال صنعه بنفسه واستمع به في قلب مدينة لندن إلى موجات الراديو ذاتها التي أخبر عنها ماكسويل، ولكن هيوز، مثله في ذلك مثل ماكسويل، لم يصدقه الناس، حتى (الجمعية الملكية)، ذلك المرجع العلمي الكبير، لم تصدقه .







قبل أن يكتشف الراديو

لقد رغب الناس دوما بإرسال المعلومات عبر المسافات الطويلة، ولتحقيق ذلك صاحوا عبر الوديان واستعملوا إشارات الدخان كما فعل الهنود الحمر ، وأشعلوا النار ليحذروا إنكلترا من الوصول إلى الأسطول الإسباني ( الأرمادا )، واستعملوا الأعلام لتعطي الإشارات، واستخدموا نور الشمس والمرآة في المبرقة الشمسية، واستعملوا أذرعهم ليعطوا إشارات السيمافور، وأمضوا الرسائل بواسطة مصباح مورس، وأرسلوا الأخبار ينقلها رجل عن رجل في سلسلة متصلة، وقرعوا الطبول في الغابات.

وفي بعض الأحيان لم تكن هذه الإشارات ممكنة، وكانت في أحسن الحالات محدودة المدى، ففي يوم غائم لم تكن المبرقة الشمسية ذات جدوى، وبعثرت الرياح أحيانا إشارات الدخان، ولم يكد يسمع صوت الإنسان إلا لمسافات قصيرة، ولم يبلغ السيمافور أو مصباح مورس إلا المدى الذي كان يشاهدان منه، وأما السلسلة المتصلة من الرجال فكثيرا ما كانت تتعثر في المناطق الوعرة ، ثم اخترع الهاتف والتلغراف (المبرقة) ومدت جبال من الأسلاك المعزولة عبر قاع المحيطات لتصل القارات، ولكن هذه لم تكن كافية دوما ، فغالبا ما عطلت الزلازل والأعاصير والحرائق والفيضانات وسائل الاتصال هذه، وقد كانت فوق ذلك كثيرة الكلفة من حيث تركيبها وصيانتها ، وكانت السفن في عرض البحار مقطوعة عن كل الأخبار إلا إذا مرت صدفة بالقرب من سفن أخرى.

ولقد شكل سكان العالم المتكاثرون والتجارة المتزايدة ضغطا أكبر على وسائل الاتصال الموجودة وكان لا بد من القيام بعمل ما لتخفيف هذا الضغط .